اليوم، مع التطور السريع للذكاء الاصطناعي، أدى حكم المحكمة في هامبورغ، ألمانيا، إلى جلب مناقشات جديدة حول جمع واستخدام بيانات التدريب على الذكاء الاصطناعي. لم تحفز هذه القضية التفكير العام حول العلاقة بين الذكاء الاصطناعي وحقوق التأليف والنشر فحسب، بل قدمت أيضًا مرجعًا مهمًا للإطار القانوني لتطوير الذكاء الاصطناعي في المستقبل.
كان سبب الحادث هو قيام منظمة LAION غير الربحية بتنزيل صورة محمية بحقوق الطبع والنشر من موقع ويب لوكالة الصور دون تصريح. قامت LAION بإقران هذه الصورة مع وصف مرتبط بها وأدرجتها في مجموعة بيانات مجانية تسمى LAION-5B. تحتوي مجموعة البيانات الضخمة هذه على ما يصل إلى 5.85 مليار مجموعة من الصور والنصوص، وتُستخدم على نطاق واسع في تدريب الذكاء الاصطناعي.
ملاحظة لمصدر الصورة: تم إنشاء الصورة بواسطة الذكاء الاصطناعي، والصورة معتمدة من قبل مزود الخدمة Midjourney
في مواجهة دعوى انتهاك حقوق الطبع والنشر ضد مصور، أصدرت محكمة هامبورغ الإقليمية حكمًا مفاجئًا. على الرغم من أن المحكمة اعترفت بأن سلوك LAION يتضمن نسخًا متعلقًا بحقوق الطبع والنشر، إلا أنها قررت أن التنقيب عن النصوص والبيانات مسموح به للبحث العلمي غير التجاري وفقًا للمادة 60 د من قانون حقوق الطبع والنشر الألماني. ركزت المحكمة بشكل خاص على أساليب عمل LAION المحددة بدلاً من هيكلها التنظيمي. نظرًا لأن مجموعات البيانات الصادرة عن LAION مجانية وتستخدم لأغراض البحث، فهي لا تسعى إلى تحقيق مصالح تجارية.
ومن الجدير بالذكر أنه حتى لو كانت هناك شركات تجارية تستخدم مجموعة البيانات هذه، فإن المحكمة ما زالت تصر على أن هذا لا يؤثر على الطبيعة غير الربحية لـ LAION. ولا شك أن هذا الرأي يوفر دعمًا مهمًا لمؤسسات أبحاث الذكاء الاصطناعي في جمع البيانات.
ومع ذلك، فإن هذا الحكم لا يحل جميع القضايا بشكل كامل. ولم تبت المحكمة فيما إذا كان من الممكن تطبيق النص الأوسع واستثناء استخراج البيانات للمادة 44ب. يسمح هذا الحكم بنسخ الأعمال التي تم الحصول عليها بشكل قانوني لاستخراج النصوص والبيانات، ولكنه يتطلب حذف هذه النسخ عندما لا تعود هناك حاجة إليها. وفي الوقت نفسه، يمكن لأصحاب الحقوق الاحتفاظ بحقوق الاستخدام من خلال تقديم إشعار يمكن قراءته آليًا في أعمالهم عبر الإنترنت. وأعربت المحكمة عن شكها في أن موقع وكالة التصوير قدم مثل هذا الإشعار.
ونظرًا لأهمية القضية وطبيعتها المثيرة للجدل، فمن المرجح أن يستأنف المصور الحكم أمام محكمة أعلى درجة. على الرغم من أن هذا الحكم يجلب الأمل للمؤسسات البحثية لجمع بيانات التدريب على الذكاء الاصطناعي، إلا أنه لا تزال هناك تساؤلات حول ما إذا كان بإمكان الشركات الربحية أن تفعل ذلك أيضًا. وخاصة الشركات مثل OpenAI، التي تستخدم البيانات المحمية بحقوق الطبع والنشر من الإنترنت للتدريب دون إذن، قد تواجه المزيد من التحديات القانونية.
هناك حاليًا العديد من الدعاوى القضائية المعلقة في هذا المجال، وأبرزها المعركة القانونية بين صحيفة نيويورك تايمز وOpenAI. وسيكون لنتائج هذه الحالات تأثير عميق على التطور المستقبلي لصناعة الذكاء الاصطناعي.
يقدم حكم المحكمة الألمانية هذا منظورًا جديدًا للعلاقة بين الذكاء الاصطناعي وحقوق النشر. فهو لا يقتصر على تحقيق التوازن بين الابتكار التكنولوجي وحماية الملكية الفكرية فحسب، بل يعكس أيضًا كيفية تكيف القانون مع البيئة التكنولوجية السريعة التغير. ومع التطور المستمر لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، قد يكون هناك المزيد والمزيد من القضايا القانونية والأخلاقية المماثلة، والتي تحتاج إلى مناقشتها وحلها من قبل جميع قطاعات المجتمع.
في المستقبل، قد نحتاج إلى إيجاد توازن بين تشجيع ابتكار الذكاء الاصطناعي وحماية حقوق المبدعين. وقد يتضمن ذلك مراجعات لقوانين حقوق الطبع والنشر، أو إنشاء آليات ترخيص جديدة، أو استكشاف نماذج تعاون جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي ومنشئي المحتوى. على أية حال، فإن هذه الحالة توضح لنا بلا شك التحديات القانونية والأخلاقية المعقدة التي يواجهها تطوير الذكاء الاصطناعي، كما توفر مرجعًا مهمًا لصياغة السياسات ذات الصلة في المستقبل.